برنامج الحكومة الإلكترونية مطالب بوضع أولويات للجهات الخدمية
مواطنون يعانون يومياً من الطوابير الطويلة والزحام في ظل غياب «حلم» الحكومة الإلكترونية
زحام في الداخل وزحام في الخارج
تحقيق: م. أمان الخالد
وجود الأكشاك ومكاتب التعقيب المحيطة ببعض الجهات الحكومية يؤكد عدم تحقيق برنامج الحكومة الإلكترونية لأهدافه
بينما يقضي مديرو مراكز المعلومات الحكومية المجتمعون في مؤتمر التعاملات الحكومية وقتهم في احد الفنادق الفاخرة يقضي آلاف المواطنين اوقاتا عصيبة في الزحام وتحت أشعة الشمس وفي طوابير طويلة من اجل انهاء مصالحهم اليومية، فالدولة رعاها الله أدركت ومنذ وقت بعيد أهمية الحكومة الالكترونية للمجتع السعودي وتاثير ذلك على نهضة أمتنا ويمكن متابعة قرارات مجلس الوزراء السعودي الموقر في هذا الشأن من على موقع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات فقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم (40) وتاريخ 27/2/1427ه، بشأن إقرار ضوابط تطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية في الجهات الحكومية، وقد وضع القرار قائمة بالمهام المناطة بالوزارة (ممثلة ببرنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية) ومنها انشاء البوابة الوطنية لخدمات التعاملات الإلكترونية الحكومية، لتسهيل الوصول إلى المعلومات الحكومية والحصول على الخدمات الحكومية، ووضع إطار فني لتطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية، وتحديثه دورياً، ليشمل المواصفات والسياسات الفنية التي تسهل تبادل المعلومات والبيانات بين الجهات الحكومية، وقياس مدى تحول الجهات الحكومية إلى التعاملات الإلكترونية الحكومية، بما في ذلك وضع المؤشرات ذات العلاقة وتحديثها. ورفع تقرير دوري للمقام السامي يوضح مدى تحول الجهات الحكومية إلى التعاملات الإلكترونية الحكومية، ووضع وثائق (مواصفات، منهجيات، معايير) استرشادية موحدة ليتم اتباعها من قبل الجهات الحكومية، وذلك تلبية لمتطلبات التعاملات الإلكترونية الحكومية، وذلك فيما يتعلق بالتالي:
تصنيف المعلومات والبيانات، وآلية حصر وتحديد الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية، وما يتعلق بالنماذج المعتمدة لهذا الغرض ووضعه في صيغ إلكترونية، وتوثيق الأعمال والإجراءات الإدارية، وإعادة تصميم الأعمال والإجراءات الإدارية، ونشر الأنظمة واللوائح التنفيذية والإصدارات العامة من خلال مواقع الإنترنت، وحماية المعلومات والبيانات وأنظمة المعلومات، والتنسيق مع الجهات الحكومية المختلفة فيما يتعلق بخطط تلك الجهات للتحول إلى التعاملات الإلكترونية الحكومية، والتنسيق مع الجهات الحكومية لتحديد طبيعة الأرقام التعريفية الموحدة الخاصة بالأشخاص ذوي الصفة الطبيعية أو الاعتبارية، وكذلك الأرقام التعريفية للخدمات الحكومية، وذلك بما يفي بمتطلبات التعاملات الإلكترونية الحكومية. اما اقرار نظام التعاملات الإلكترونية، فقد صدر قرارا مجلس الوزراء رقم (80) وتاريخ 7/3/1428ه، بشأن إقرار نظام التعاملات الإلكترونية. وقائمة بالمهام المناطة بالوزارة، نص عليها القرار من خلال وضع السياسات العامة ورسم الخطط والبرامج التطويرية للتعاملات والتواقيع الالكترونية، والرفع بمشاريع الأنظمة وأي تعديلات مقترحة عليها، والتنسيق مع الجهات الحكومية وغيرها فيما يخص تطبيق هذا النظام، وتمثيل المملكة في الهيئات المحلية والإقليمية والدولية فيما يخص التعاملات والتواقيع الالكترونية، ولها أن تمنح صلاحية التمثيل لجهات أخرى، وإنشاء المركز الوطني للتصديق الرقمي والإشراف على المهام المتعلقة بإدارة الشهادات الرقمية، والتنسيق فيما يخص المواصفات والمقاييس اللازمة لها، واقتراح الأنظمة والسياسات المنظمة لعمل المركز، والعمل على تطوير الاستفادة من الشهادات الرقمية في المملكة.
تأجير الفلاشات وتعبئة البيانات
بالإضافة إلى التنسيق مع الجهات الخارجية التي تقوم بعمل مماثل لعمل المركز الوطني للتصديق الرقمي، وذلك للاعتراف المتبادل بشهادات التصديق الإلكترونية، وتحديد المواصفات الفنية لمنظومة إصدار الشهادة، ومضمونها وشكلها، ومنظومة إنشاء التوقيع الإلكتروني، ومنظومة توثيقه، وتحديد ضوابط إصدار الشهادة الرقمية وتسليمها وحفظها وإلغائها.
ومن هذين القرارين وقرار خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بدعم هذا التوجه بميزانية ضخمة تقدر بثلاثة مليارات ريال وما يتبع ذلك فقد ظهر جلياً الاهتمام الذي توليه الدولة لهذا التوجه ولم يعد اما القطاعات الحكومية المختلفة أي عذر لعدم الانطلاق نحو عملية التحول نحو التعاملات الالكترونية (توفر الامكانات المادية والقرار السيادي السامي مع دعم تقني كبير من برنامج يسر).
وقد يكون من الملفت للانتباه تلك الإعلانات الكثيرة عن معقبين للتعقيب على معاملات السجل التجاري من تجديد واستخراج جديد للمؤسسات والشركات وأعمال أخرى جميعها متعلقة بالمعاملات المتعلقة بوزارة التجارة، والحقيقة أن زيارة واحدة لمبنى الوزارة بشرق الرياض تكفي للاطلاع على الوضع المؤسف، فبالإضافة إلى الزحام الشديد حول المبنى نظرا لعدم كفاية المواقف المخصصة والزحام في الشارع فهناك ايضا زحام شديد في الداخل وخلال الساعات لاولى من النهار تنفذ الارقام المخصصة للطوابير وعليك ان تعود في يوم آخر واثناء ذلك فالوزارة غير مرتبطة بالاحوال المدنية مما يتطلب معه خروج المواطن الى زحام آخر في وسط البلد ومسك طابور آخر في الاحوال المدنية للحصول على برنت وهي ورقة صغيرة يتم طباعتها من جهاز الحاسب يوضح مهنتك فقط، ثم تعود في اليوم الاخر بالطبع، وبما انك تاجر فلا بأس عليك من ضياع عدة ايام في انهاء معاملتك لدى الوزارة، وان شاء الله عندما تتحقق امنية الحكومة الالكترونية فسيكون بإمكانك استخدام نظام سداد بإدخال رقم هويتك وطلب تجديد سجل او اصدار سجل وسيقوم النظام بالتأكد من مهنتك عبر الربط مع الاحوال المدنية وخصم المبلغ من حسابك وارسال السجل بالبريد الممتاز الى منزلك، اليس هذا ممكنا في وقت نطلب من الشباب الانخراط في العمل التجاري والصناعي وتخفيف العبء على القطاع الخاص للقضاء على البطالة، اما انشاء شركة فلا شك يتطلب المزيد من العمل ولهذا وصلت تكلفة التعقيب عليها الى الف ريال وبعض الاجراءات وصلت الى الفي ريال، ربما ان هذه طريقة اخرى للقضاء على البطالة وجدتها الوزارة المناط بها عصب الحياة التجارية والصناعية في أكثر دول المنطقة نموا وازدهاراً.
وننتقل إلى ما هو أغرب وأمر من ذلك فعلى طريق خريص يقبع مكتب الاستقدام التابع لوزارة العمل حيث يواجه صغار التجار والصناعيين تحديا آخر مع متطلبات الحصول على تأشيرات العمالة التي تحتاجها مشاريعهم، ولن يصعب عليك التعرف على المبنى فالازدحام شديد حول المبنى الذي لا تتوفر فيه مواقف للمراجعين ولا استقبال لإرشادهم حيث يتكون المجمع من مجموعة من المباني المتجاورة ولكل مبنى مهمة وموظفين وطوابير طويلة من البؤساء بأوراقهم وشنطهم وفي خارج المبنى مجموعة من الشباب بآلات كمبيوتر وطابعات وفلاشات وهو ما يثير الدهشة، فالفلاش يتم تأجيره بعشرين ريالا مع وضع تأمين ثلاثين ريالا ولكن ان اردت يمكنك شراؤه بخمسين ريالا مع ادخال البيانات علماً بأنه لا يوجد تقسيط للفلاشات، وقصة الفلاش ان الوزارة قررت تحديث بيانات جميع الشركات والمؤسسات في الوطن ولهذا قامت بتجنيد أكثر من خمسة عشر موظفاً على أجهزة الكمبيوتر يقومون بتحديث هذه البيانات ولكي تحدث بياناتك عليك اولا ان تمسك طابورا طويلا للحصول على رقم ففي بعض الاحيان يستغرق الحصول على رقم أكثر من عشر دقائق، وبالطبع ليس أي رقم فهناك رقم للحصول على برنامج الفلاش وثم طابور لتسليم الفلاش والذي يحتوي على قائمة بأسماء العمالة التي لديك (جميعها متوفرة في سجلات الجوازات) ثم طابور آخر لتحديث البيانات الاخرى ولك ان تتخيل حالة المواطنين في تلك الصالات وايضا حالة الموظفين، هذه العملية تستغرق ثلاثة أيام على أقل تقدير ويأخذ عليها المعقبون ما لا يقل عن ألف ريال ومن المتوقع ان تسمح البلدية للشباب العاملين حول سور الوزارة ببناء أكشاك رسمية مثل ما حدث حول مبنى الجوازات وتزودهم بالماء والكهرباء وربما مكيفات صحراوية وربما تساهم وزارة العمل بعقد ورش عمل ودورات في التسويق وهذه طريقة اخرى للقضاء على البطالة وبالطبع يمكن للمواطن في المستقبل ان يدخل الى موقع الوزارة ويقوم بتعبئة نموذج تحديث البيانات عبر الانترنت وضغط زر التعهد بصحة المعلومات وتقوم أنظمة الوزارة بجلب بيانات المكفولين اتوماتيكيا من سجلات الجوازات والمهنة من الاحوال المدنية وتصنيف المقاولين والتراخيص الاخرى من نفس الوزارة والدخل والزكاة من سجلات وزارة المالية ولا يبقى سوى بيانات عن عنوان الشركة او المؤسسة وارقامها وغير ذلك والتي يقوم بها المواطن عبر الموقع وفي النهاية هي تحديث بيانات وصاحب المنشأة هو المسؤول عنها وعن صحتها امام الدولة، كما ان صحة ودقة البيانات تجعل سجله نظيفا لدي الوزارة مما يساعده على الحصول على حاجاته من العمالة في المستقبل. اما الجوازات فبالرغم من المجهودات الكبيرة والمتميزة الا ان انتشار مكاتب الخدمات والأكشاك في المناطق المحيطة بمجمع الجوازات والزحام الرهيب في الشوارع المحيطة بشكل يومي والذي سيزيد بالتأكيد مع اقتراب الاجازة يؤكد بما لا يدع مجالا للشك وجود نقص في مجال الحكومة الالكترونية والتي من اهدافها التخلص من هذه المظاهر كافة وما يتبعها من هدر لاوقات العمل والموظفين وتوفير الطاقة المهدرة في هذه المشاوير والتي في حقيقتها تكلف الدولة ملايين الريالات يوميا، ولهذا ربما كان من الانسب (مجرد اقتراح) هدم المجمع بأكمله من مبان قديمة وهناجر وممرات تكسرت من شدة الدهس وكثرة المراجعين واعادة بنائه بشكل حضاري حديث يراعي التركيبة الحديثة للجوازات وانظمة التقنية وان يكون ذا مظهر لائق خاصة وان الجوازات ترتبط بكافة فئات الشعب وايضا كل زوار المملكة من الخارج وتخدم الملايين من المراجعين سنوياً.
الخلاصة:
قد يكون من العجيب سرعة تنفيذ أنظمة التسجيل وتحديث المعلومات لنظام مثل سداد وساهر وغيرها مع سهولة كبيرة في خدمة ارسال المخالفات على الهاتف النقال وكذلك الحال مع البنوك بينما تتعثر بعض الأنظمة التي تخدم المواطن وتسهل عليه إجراء عملياته واحتياجاته اليومية وترفض وتعارض بعض الوزارات السماح لوزارات أخرى بالدخول الى انظمتها او حتى الاطلاع او سحب معلومات بدائية وغير سرية وتجبر المواطن على الذهاب بنفسه الى مقر الوزارة والوقوف في الزحام والطوابير من اجل الحصول على معلومة بسيطة او ورقة اثبات، لا شك ان بعض الجهات بذلت مجهودا كبيرا ومميزا في تحويل معظم نشاطاتها الى الشكل الالكتروني وأراحت الملايين من المواطنين من عناء المشوار ولكن هناك جهات لا تزال متأخرة كثيراً ولهذا نتمنى ان يضع المسؤولون في مشروع (يسر) اولوية للمشاريع التي تمس أكبر قطاع من المواطنين وخاصة الشباب وصغار التجار والصناعيين وغيرهم من ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، ولهذا فلا بد لهم ان ينزلوا الى الشوارع ويزوروا الوزارات بأنفسهم والاطلاع على معاناة الناس حتى يدركوا مدى التقدم الذي تحققه الوزارة فوضع نموذج PDF على الموقع لكي يطبعه المواطن بعشرة ريالات من امام الوزارة او بخمسة في مقاهي الانترنت ثم يقوم بتعبئته والذهاب للوزارة للوقوف في طابور طويل لا يعتبر خدمة الكترونية تضاف الى انجازات الوزارة في مجال الحكومة الالكترونية.
ظاهرة بدائية وشكل غير حضاري ولكن من السبب؟