القضاء والقدر ,
[كل أحداث الأرض والأكوان وكل أحداث التاريخ والزمان كلها مسجلة عند الله في كتاب, يعلم الله الأشياء قبل ان تقع ويحيط علمه بها قبل ان تولد, ولايخرج شيء في الكون عن علمه سبحانه, سواء كان هذا الشيء عظيما أو بسيطا.
هذا الكتاب هو القضاء والقدر, والقضاء والقدر لاينفيان حرية الإنسان ولاينفيان في الوقت نفسه طلاقة المشيئة الإلهية وحريتها.
وعلي أيام رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يتوقف أحد من الصحابة ليسأل هل الإنسان مخير أو مسير؟ وإذا كان الله يعلم ماسأفعل فأين حريتي في الفعل ذاته؟
لم يتوقف احد ليسأل هذه الأسئلة, كان واضحا في اذهانهم أن علم الله السابق هو نور يكشف ماسيحدث, وليس قوة تقهر علي الحدوث.
كانوا يدركون المعيار العام للمسألة كلها.. الإنسان مخير فيما يحاسبه الله عليه, وهو مسير فيما لايحاسبه عليه..
قال الرسول صلي الله عليه وسلم: إذا ذكر القضاء فأمسكوا, والقدر سر الله فلا تفتشوا عنه وهو بحر لاتغرقوا فيه.
يقصد الرسول معني خطيرا بقوله ان للقضاء والقدر بناء تحتيا يتصل بفعل الإنسان وكسبه وحركته, وان للقضاء والقدر بناء فوقيا يتصل بإرادة الله ومشيئته وعلمه.
روي عن الحسن البصري انه قال:
إن الله بعث محمدا إلي العرب وهم قدرية مجبرة, يجعلون ذنوبهم علي الله, ويقولون ان الله سبحانه قد شاء مانحن فيه وحملنا عليه, وأمرنا به, فقال عز وجل: وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله امرنا بها, قل إن الله لايأمر بالفحشاء أتقولون علي الله مالا تعلمون.
هذا النص يقطع بانتصار الإسلام لحرية الإنسان واختياره ووقوفه ضد الجبرية, يروي عن الرسول ان رجلا سأله: متي يرحم الله عباده.. قال صلي الله عليه وسلم: ما لم يعملوا المعاصي ثم يقولوا إنها من الله, وسأله بعض الصحابة يوما: فلأي شيء نعمل وقد فرغ الأمر؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له.
المصدر صحافة الأهرام